زهرية مراكش الدورة الثانية عشرة
تكرس زهرية مراكش، موسم تقطير ماء الزهر، هذه المدينة كمقامة رئيسة لهذه المراسم في المنطقة المغاربية.
يعود ” تقطار الزهر” كل سنة للاحتفال بالربيع بين أسر مراكش. تتعاهد الأوساط النسائية هذا العمل الحضري الجميل بشكل رئيسي ويعود إلى أمد بعيد في تاريخ المدينة.
تصون ربة المنزل هذه المراسم، وتلقن ابنتها أسرارها، بعد أن ورثتها من جدتها. وتشارك نساء مراكش في عملية التقطير في منازلهن أو في التعاونيات، أو بمبادرة من الجمعيات التراثية أو المنظمات الثقافية، بما في ذلك المتاحف وغيرها من المؤسسات ذات الصلة بالصناعات الثقافية.
تبدأ المراسم عندما يظهر زهر النارنج على الأشجار. يستمر الإزهار ما يقرب من أربعة أسابيع أو أكثر. نحن نقدر ذلك في ذروته مع وصول الربيع في حوالي21 مارس. يتزود الناس بزهر النارنج (الزنبوع) عادة بسوق العطارين في المدينة العتيقة بعد جنيه من العرصات والجنانات حول مراكش وبداخل رياضاتها الشميمة.
تتعاهد نساء مراكش هذه المراسم العطرة المحتفية بالزهرة البيضاء الشذية، وتصونها بمحبة وشوق منذ أزمنة طويلة.
ترعى مهن بذاتها هذا التقطير بعطوره الفواحة وأشخاص آخرون حاليا يمارسونه باحترافية، منهم أكاديميون وباحثون وصيادلة وعطارون وعطوريون وأصحاب متاجر. بادرت جمعية منية بمراكش إلى توسيع دائرة المهتمين المحبين من خلال دعوة المدينة والمجتمع المدني لتبني هذا الموسم رسميا. قبل كل شيء، طورت الجمعية هندسة ثقافية مبتكرة تحول هذا الاحتفال العائلي والخاص إلى حدث ثقافي واحتفالي كبير يعزز من شأن المدينة. يشمل العرض البعد العلمي والحرفي والأدبي والتذكاري والموسيقي وبالتالي يسهم في اعتماده من قبل سكان المدينة لأكثر من عقد من الزمان بالفعل. والهدف من ذلك هو إقامة موسيمة في مراكش إقتبالا لفصل الربيع. نعتقد أن مبادرتنا لتعزيز المدينة بمثل هذه الموسمية هي ممارسة حضرية فضلى تعزز التجديد الحضري للمدينة. يكفي لضمان أن يكون لمراكش موقع في الخريطة اللامعة للمسالك الثقافية والروحية للبحر الأبيض المتوسط، وقبل كل شيء، مكانة عالية جديدة تعزز إشراقاتها.
حفل الزهرية هو مناسبة مواتية تحمل قدرة هائلة على إعادة خلق الصلات الاجتماعية بين الناس داخل الأسرة الواحدة، في المجتمع وبين الآخرين.
عندما تخرج النساء قطاراتهن من مستودعات بيوتهن بحلول فصل الربيع، فإنهن يستعدن بالفعل لإثارة لحظات من البهجة والغبطة في يوم الحفل. تجتمع الأسرة، صغارا وكبارا، حول الشذى الساحر لزهرة النارنج والرحيق الذي يقطر والسعادة الهائلة التي يتيحها. تحافظ الزهرية على ذاكرة ثقافية بهية متجذرة في المدنية، تمشي فوق رؤوس العصور. زهرية مراكش تربطنا من خلال جمالها وفوائدها الروحية والاجتماعية والاقتصادية ورفاهها في هذه المناسبة، بما يحركنا نحو الوجه المشرق لثقافتنا ويستحق أقصى قدر من الإهتمام.
أطلقت جمعية منية مراكش عيد زهرة النارنج بالمدينة، وقد دعت مختلف المؤسسات العامة والخاصة للقيام بذلك. واقترحت أيضا إدراجه في قائمة التراث الثقافي الوطني غير المادي بإشراف وزارة الشباب والثقافة والتواصل. ومنذ يوليوز 2022، تم تسجيل زهرية مراكش أيضا في سجل منظمة الإيسيسكو بصفته تراثا ثقافيا غير مادي للعالم الإسلامي. بالإضافة إلى ذلك، تعمل جمعية منية مراكش وقطاع التراث الثقافي التابع للوزارة نفسها على إدراج زهرية مراكش في قائمة التراث الثقافي غير المادي للإنسانية من قِبل منظمة اليونسكو.
وبمناسبة احتفال مراكش عاصمة ثقافية للعالم الإسلامي طيلة سنة 2024، وبشراكة وزارة الشباب والثقافة والتواصل، تتشرف جمعية منية مراكش بإدماج زهرية مراكش في البرنامج الرسمي لهذه المناسبة الاستثنائية التي تُتيح للمدينة فرصة سانحة للتعريف ببسائطها الثقافية التليدة.