مدرسة مراكش للحكي
من توجيهات جاللة الملك الحسن الثاني بشأن التراث الشفوي
لإلنسانية بمراكش سنة 1996 وبخط يده.
تــمــهــيـــــــد:
لمراسم الحكي وثقافة الحكايات وأدبياتها تاريخ واسع الأكناف في حضارة المغرب. كانت فنون الرواية والقصة ومجامع الحكواتيين دولة بين الخاصة والعامة في أوساط النساء الأسرية وفي ابتكارها ويتعاهدها لمدّة قرون بلا عناء ولا مشقّة؛ يغذيها ويحفظ عليها كيانها وميزان اعتدالها بين المنفعي والروحي؛ وكأن الأمر تلقائيا. فما يثير الاهتمام في تراث جامع الفناء هو قوة امتداده في التاريخ واستمراريته علما أنه لا يمثل إلا حيزا صغيرا من ملاحم المدينة المكتوبة والشفوية على السواء.
إن جامع الفناء بصفتها المقامة الكبرى لفنون الحكاية والرواية؛ لا تستأثر باهتمام الكتاب والباحثين في مسرح الحكواتي والممثلين والشخصيات المهتمة بعالم الثقافة فحسب؛ بل أيضا باهتمام مهندسي التمدن والعمران؛ في محاولاتهم الرامية إلى إبداع فضاءات مشابهة شيئا ما لها في المعمور. والحقيقة أن هذا التراث إن هو إلا بنية ناطقة عن عالم ملحمي غني بأصالته المستمدة من الأسلاف. ومجالس “رواة” التاريخ والسير والقصّص إنما ظهرت في الساحة استجابة لإلحاح حاجة الجماهير إلى ذلك وتعطشها دوما للحكايات. ففي الواقع؛ تتداول الثقافة الشعبية؛ على الخصوص؛ بطريقة شفوية في دوائر الحلقة؛ هذا الكرسي المنفرد ءالذي مكن زوار الساحة من تلقي بدائع الأخبار
المخصوصة بسير الأنبياء ومناقب الأولياء؛ وعن حكايات وقصّص آلف ليلة وليلة والتعابير الهزلية الساخرة والملحمات وذكرى منطق الطير. فحلقات الحكواتيين تمثل جانبا كبيرا من التآلف والاستئناس الاجتماعي الآخذ بمجامع عقول القاصدين للساحة وعوالم خيالهم.
إن عدد حرفيي الحلقة؛ من حكواتيين رواة وزجالين ومطربين شعبيين ومطبوعين بالهزل والفرجة؛ بما هم كنوز حية وحملة للتراث الشفوي يتناقص شيئا فشيئا وبكيفية محسوسة. كما أن من شأن هشاشة وضعيتهم المادية والاجتماعية أن يؤدي إلى تواري التراث الشفوي غير المادي ويصبح واهيا أكثر من أي وقت مضى.
وإسهاما من جمعية منية مراكش لإحياء تراث المغرب وصيانته في تجديد المضامين والأنشطة المعنوية والوظيفة الثقافية للساحة بالإضافة إلى تكوين جيل جديد من الرواة الحكواتيين الشباب ذكورا وإناثاء يقدم عمله الحكاني في الساحة من جهة وفي محافل عديدة ومتنوعة نذكر منها :
جامع الفناء؛ مدرسة مراكش للحكي؛ دور الشباب؛ دور الثقافة؛ الجامعات؛ المدارس؛ المسارح» دور الأيتام»؛ الخيريات؛ المعاهد الأجنبية؛ المهرجانات؛ الفنادق؛ دور الضيافة؛ الرياضات؛ مخيمات أكافاي؛ دور الضيافة في الجهة؛ المعلمات التاريخية؛ الإرشاد التاريخي؛ السجون؛ الجمعيات؛ المولد النبوي؛ المواسم؛ الزواياء الزورات ‘الساحات الشهيرة’ المنازل؛ الأوساط اليهودية المغربية.
فلا أحد ينكر اليوم أن التراث غير المادي للساحة يعاني كثيرا وهو في اضمحلال مستمر. فمن شأن هذه المدرسة الفتية التي تعد مركزا للتكوين؛ أن يتخرج منها شباب الحكواتيين ذكورا وإناثا محصلين على كفاءة عالية ومهنية مجربة تمكنهم من حرفة تضمن لهم حياة مهنية ومكانة اجتماعية.
إضافة تعليق